الاثنين، 19 نوفمبر 2012

اكثر من نصف التونسيين مصابون باضطرابات نفسية ...الاسباب



لكل ثورة مكاسبها الكبيرة لكن حتى وان بفضلها امكن دحر نظام استبدادي فان لها انعكاسات سلبية تظهر خاصة على مستوى عيش المواطن وتحديدا الجانب الصحي وهو ما حدث بعد ثورة 14 جانفي حيث ارتفع عدد الامراض النفسية بشكل ملفت للانتباه...
حيث كثرت حالات الاكتئاب والضغط العالي وحالات كرب ما بعد «الثورة» زيادة عن «الستراس» وصعوبة الاندماج. وقد انجز الطبيب المهتم بمستشفى الرازي سامي وناس اطروحة اشرفت عليها انيسة بو عسكر طبيبة استشفائية مساعدة عن الحالات الوافدة على المؤسسة المذكورة حيث لاحظا ارتفاعا في عدد العيادات زيادة عن ارتباط جل هذه الحالات بالثورة وباحداثها خاصة ما بعد 14 جانفي... وقد استقبلت اقسام مستشفى الرازي من 15 جانفي 2011 الى 15 اكتوبر من نفس السنة 28148 مريضا بينهم 107 لديهم اعراض في علاقة بالثورة كما ان 30.8% مصابون بالاكتئاب و27.1% مصابون بكرب ما بعد الثورة وهو مرض جديد استدعى اللجوء الى دورات تكوينية امنها اطباء اوروبيون للاطار الطبي التونسي في الرازي بما مكن من معرفة مثل هذا المرض الذي يظهر بعد الحروب والكوارث ويذكر ان مستشفى الرازي يستقبل لوحده مرضى ولايات تونس الكبرى وولايات الشمال التونسي وايضا الشمال الغربي بالاضافة الى ولايتي نابل وزغوان وقد سجل في 2009 ما يقارب الـ 107 آلاف عيادة ثم 120 الف في 2010 ليرتفع هذا الرقم الى 140 الفا في 2011 اما هذه السنة أي 2012 فقد تم تسجيل 120 الف عيادة الى حدود سبتمبر الماضي مما يعني ان العدد سيرتفع مقارنة بالسنة الماضية اذا اضفنا الاشهر الثلاثة المقبلة وهي اكتوبر ونوفمبر وديسمبر...
 اكثر من 10 آلاف مريض جديد سنويا واكدت ريم غشام استاذة الطب النفسي رئيسة قسم العيادات الخارجية والاستعجالي بالرازي (وكذلك رئيسة الجمعية التونسية للامراض النفسية) ان عدد المرضى الجدد في الرازي لوحده يفوق 10 آلاف مريض، اما بخصوص المستوى الاجتماعي للمرضى فالاغلبية وضعهم الاجتماعي مترد كما ان نسبة رجال الامن تفوق 40% وارتفع هذا العدد خاصة بعد الثورة خاصة... وبالنسبة الى رجال التعليم فنسبتهم 3.7% فضلا عن انه يوجد من بين كل 4 مرضى عاطل عن العمل وكذلك من بين كل اربعة مرضى هناك مصاب مستواه التعليمي لا يتجاوز المرحلة الابتدائية... وترى الدكتورة ريم غشام وكامل الفريق المصاحب لها في قسم العيادات الخارجية ان المصابين بامراض نفسية لا يتقدمون كلهم للعلاج في مؤسسة عمومية بل جل الميسورين ورجال التعليم والوجوه المعروفة يختارون الطب النفسي في القطاع الخاص... وتجدر الاشارة ايضا الى ان المرضى في الجنوب التونسي يستقبلهم مركز مختص في صفاقس ومدن الوسط والساحل مرتبطة بمركزين في سوسة والمنستير لكن الضغط الاكبر على مستشفى الرازي الذي ارتفعت نسبة العيادات النفسية في كامل انحاء الجمهورية الى ما يفوق 20% مقارنة بالسنة الماضية اكثر الحالات من بنزرت وزغوان ونابل اما الفئات التي تنتمي اليها الحالات النفسية فهي متنوعة ونجد من بينها التلاميذ والطلبة ونسبتهم العامة 5% من جملة المرضى بالاضافة الى ان اغلب الحالات القادمة الى الرازي من بنزرت وزغوان ونابل بالاضافة الى ولايات تونس الكبرى... ومن خلال التوزيع المهني للحالات التي تقدمت للكشف والعلاج افادت الدكتورة انيسة بو عسكر ان اعوان الامن والمدرسين وسواق الحافلات اكثر عرضة للاصابة بالامراض النفسية... وخلال حديثنا عن الدراسة او الاطروحة تبين بعد الحديث للمرضى ان الذين عالجوا خلال الفترة الممتدة بين 15 جانفي و15 اكتوبر 2011 اعراض اصابتهم لها علاقة باحداث الثورة كما انه من خلال دراسة اثارالصدمات النفسية عليهم كما ان 73.8% منهم ذكور ومتوسط الاعمار 40 سنة وثلثهم اعوان امن اما المشاهد التي صدمتهم فهي الاعتداءات في مقر العمل او الحضور على حالات وفاة... وهو ما اظهر كرب ما بعد الصدمة زيادة عن الانفلات والارهاق اللذين يعاني منهما المربين وسواق الحافلات... كما انه من بين الذين تقدموا للكشف عن حالتهم مسؤولون بادارات معنية ضحايا عبارة «ديقاج» وكذلك جل الذين وقع الانتقام منهم بعد ان كانوا يفرضون الانضباط في العمل هم ضحايا الانفلات داخل الادراة وايضا في الشارع... اما سواق الحافلات فهم ضحية فوضى الطرقات والاعتداءات والضغط تماما مثل اعوان الامن الذين اصبحوا عرضة للاتهامات والضغط الاجتماعي اكبر من ضغط العمل... وتؤكد الاستاذة ريم غشام على ان هناك ارتفاعا مهولا في حالات الاكتئاب والقلق بعد الثورة في المقابل يرى اخصائيوا الطب النفسي انه يمكن ايضا تقسيم حالات الامراض النفسية الى ما قبل انتخابات 23 اكتوبر وما بعدها مؤكدين في هذا السياق على انه قبل الانتخابات كانت هناك حال من الترقب وتهدئة الاجواء، لكن مع مرور الايام بعد الانتخابات لم تتحقق جل الوعود ولم يتحسن الحال في الادارة ولا ايضا في هامش العيش اليومي زيادة عن اجواء التوتر والضغط المعيشي وهو ما ادى الى ارتفاع ملحوظ ان لم نقل مهولا في حالات الاضطراب النفسي... ارقام ومؤشرات وتشير ارقام المنظمة العالمية للصحة الى ان ما بين 5 و8% من سكان العالم يعانون الامراض النفسية مما يعني ان ما يفوق 900 الف تونسي مصابون بهذه الامراض علما وان الاكتئاب هو اول سبب للانتحار كما اكدت دراسة اجريت سنة 2005 ان 53% من التونسيين (أي ما يفوق نصفهم) يعانون من اضطرابات نفسية، لكن لا يعني ذلك ان كلهم مرضى لكن 9 على 10 لا يعالجون مرضهم... لكن هذه النسبة مرشحة للارتفاع بعد الثورة باعتبار ان عدد الحالات شخصت اعراضها (حسب الاطباء في مستشفى الرازي) بغياب الامن او فقدانه وكثرة الانفلاتات فضلا عن بروز اعراض جديدة وهي «كرب ما بعد الصدمة او ما بعد الثورة» ولاحظت الاستاذة ريم غشام ان نسبة الاصابة بالاضطرابات النفسية قد تبقى هي نفسها أي تفوق 53% من التونسيين يعانون من هذه الاضطرابات لكن ما تغير بعد الثورة هو الاعراض والاسباب التي اصبحت مرتبطة بالثورة وهنا صنف الطبيب الاول المقيم سامي وناس المرضى الى صنفين، ويخص الصنف الاول مجموعة لديها علاقة مباشرة بالثورة ومن بينها رجال الامن وصنف ثان يهم المجموعة الذين لا توجد اصابات بينهم ولكن اثرت عليهم حالة الفوضى وسيطر عليهم انعدام الرؤية والخوف من المستقبل على خلفية الاحداث التي عرفتها البلاد بعد الثورة... لان غياب الثقة في المستقبل وحالة الضبابية من شانهما ان يتسببا في اضطرابات نفسية او قلق او اكتئاب وهو ما يسمى الخوف المرضي وفق ما اوردته "الصباح".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق